مارلا أمريكية تبلغ من العمر 42 عاماً تزوجت من مواطن لها ولكنه من أصل سوري قبل أكثر من 20 عاماً ودام هذا الزواج ثلاث سنوات, وأنجبت ابناً اتفقا على تسميته "محمد". هذا الطفل يرقد على السرير الأبيض حاليا بسبب حادثة مرور.
واجهت مارلا من أجل ابنها مصاعب كثيرة وخيبات أمل حسب ما عبرت عنه لـ "الوطن" في الرياض، حيث قالت: إن هناك أناسا كانت تثق فيهم سابقاً.
وحسب مارلا فإنها تشعر بخيبة أمل بسبب حكومتها التي قالت إنها تخلت عنها في وقت كانت في أشد الحاجة لخدماتها، إلا أن السعودية انتشلتها من خيبة الأمل هذه ونقلت ابنها من مستشفى حفر الباطن إلى قوى الأمن في الرياض وتحملت الحكومة السعودية كافة نفقات علاجه وإقامة والدته إلى جانبه.
وامتنت مارلا كثيراً حسب تعبيرها لهذا القرار السعودي رغم كونها غريبة وليست مواطنة، ولكنها تعرف دوافع هذا التصرف كونها امرأة في محنة إنسانية بحتة بسبب تعرض ابنها لحادث سير اضطره لمواصلة العلاج.
وتعرض ابنها محمد (19 عاماً) لحادث مروري وهو برفقة والده الأمريكي من أصل سوري حين عودتهم من دمشق عن طريق البر إلى مقر عمل الوالد بإحدى الشركات العاملة في أبو ظبي، ووقع الحادث في 18 أغسطس 2007 بالقرب من مدينة حفر الباطن السعودية الذي توفي فيه الأب على الفور وزوجته الثانية بحكم طلاق السيدة مارلا منه قبل فترة من الزمن وتوفي كذلك أحد إخوة محمد غير الأشقاء وإصابة أختيه بإصابات طفيفة.
وبعد ذلك قامت القنصلية الأمريكية في مدينة الدمام بإبلاغها عن الحادث وهي في مقر عملها في مجال الرعاية الصحية بولاية نورث كارولاينا وفي مدينة شيكاغو تحديداً.
وتعرض محمد في هذا الحادث لإصابة في جانب رأسه الأيمن مما أدى إلى تعطل الجهة اليسرى من جسمه وأخرى في ظهره اضطرته للنوم على بطنه في حالة شبه غيبوبة منذ وقوع الحادث وإلى الآن إضافة إلى كسور متفرقة في أنحاء عديدة من جسمه حسب ما ذكرت والدته.
مارلا التي فضلت أن يطلق عليها "أم محمد"، أوضحت أنها كانت تعمل في مجال الرعاية الصحية في أحد المراكز المتخصصة في مدينة شيكاغو حيث تقوم برعاية الأشخاص المصابين بإصابات بليغة بعد خروجهم من المستشفى، وبعد تلقيها خبر إصابة ابنها في الحادث اضطرت للانتقال إلى السعودية، تقول مارلا عن موضوع انتقالها إنها لم تجد دعما من حكومتها حتى في رسوم الفيزا حيث اضطرت لدفعها.
تقول مارلا إن السفارة الأمريكية في الرياض لم تقدم شيئا لحالتها الإنسانية سوى إشعار الحكومة السعودية بحالة مواطنها في مستشفى حفر الباطن المركزي، التي نقلته على إثرها بطائرة الإخلاء الطبي من حفر الباطن إلى مستشفى قوى الأمن بالرياض وتكفلت بتلك الحالة الإنسانية الخاصة وكافة نفقاتها بما فيها توفير الإقامة وتنقل مارلا من وإلى المستشفى لتطمئن على الحالة الصحية لابنها أولا بأول.
وأبدت (أم محمد) اطمئنانها للعلاج الذي يتلقاه ابنها وبحكم خبرتها لا تعتقد أنها ستجد أكثر مما قدم لابنها من علاج، كما أن حالة الإصابة التي يعاني منها ابنها مكلفة جداً إذ قدرتها مارلا بمئات الآلاف من الدولارات. وتضيف مارلا إن مستشفى قوى الأمن وفر لابنها سريراً يندر أن يحصل عليه مريض بحالة مشابهة في مستشفيات الولايات المتحدة، وذلك بحكم الإصابة التي يعاني منها ابنها في ظهره.
تقول مارلا إنه بحكم معرفتها بتكلفة الحالات المشابهة لحالة ابنها في المستشفيات الأمريكية إن مثل هذه الحالة تكلف المريض ما لا يقل عن ألف دولار في اليوم الواحد.
وذكرت مارلا التي صامت رمضان الماضي في الرياض وداومت على صلاة التراويح طيلة الشهر أنها تلقت نصائح من أصدقائها وأفراد عائلتها بمن فيهم والدتها التي تبلغ 68 عاما وتحذيرات لها من المجتمع السعودي وما قد تواجهه من اضطهاد لأن السعوديين حسب ما سمعته مارلا من نصائح يضطهدون المرأة ولا يتركون لها المجال لإبداء رأيها أو عيشها بحرية كما أنهم لا يسمحون للمرأة السعودية بمواصلة تعليمها، ولكنها حين قدمت إلى السعودية اكتشفت العكس من تطور في الإنسان والبنيان حسب تعبيرها.
وكشفت أم محمد أنها كونت صداقات عديدة مع سعوديات بعد التعرف عليهن عن طريق المستشفى سواء عاملات فيه من طبيبات وإداريات أو نساء رافقن أبناءهن أو أقرباء لهن في المستشفى.
وترك ذلك انطباعاً تعبر عنه مارلا بإيجابية جداً وتقول إن كافة المعلومات والانطباعات لدى من تركتهم في شيكاغو مغلوطة وتعزو ذلك لعدم مصداقية ما كانت تسمعه من وسائل الإعلام والكتاب فيها.
وذكرت أم محمد أن أهلها اقتنعوا وهم والدتها وشقيقها وابنها "باترك" الأخ غير الشقيق لابنها محمد ، الآن بانطباعاتها الجديدة التي كونتها عن كثب وأنها تقوم بمحاولات حثيثة حسب تعبيرها لتوضيح حقيقة الإسلام وتتمنى زيارتهم للسعودية وقيامهم بأداء العمرة أو فريضة الحج التي عبرت عن شعورها حين قامت بهذه الفريضة أنها مذهولة من سهولة تحرك أكثر من ثلاثة ملايين حاج وتنقلهم من منسك إلى آخر في وقت واحد دون أي حوادث تذكر خصوصاً عند رمي الجمرات.
تقول مارلا إنها بعد أدائها فريضة الحج هذا العام وعودتها من مكة وجدت ابنها يتجاوب حين تناديه باسمه ونطق مرة واحدة فقط بصوت منخفض جداً بقوله "ماما".