أدت مساجلة حدثت بين صحفية سعودية وزوجة قنصل المملكة في دبي، إلى تجدد الجدل حول مطالبة نساء بالسماح لهن بقيادة السيارة في المملكة، وهو ما دافعت عنه بعضهن، فيما اعتبرته أخريات في آخر سلم الأولويات التي تطالب بها المرأة السعودية.
وكان منتدى "المرأة العربية والمستقبل" الذي شهدته دبي في الفترة من 10 إلى 21-10-2007 بفندق "جميرا أبراج الإمارات"، شهد سجالا بين حرم القنصل ورئيسة رابطة سيدات السلك الدبلوماسي نوال الشلهوب، والإعلامية السعودية في فضائية "الحرة" نادين البدير، حول حقوق السعوديات، وفي مقدمتها قيادتها للسيارة.
بدأ السجال حين أعلنت الشلهوب، وهي تقيم في دبي منذ 10 أعوام، وتقول إنها تقود سيارتها بنفسها، عدم تأييدها قيادة المرأة للسيارة في السعودية، لأنها غير مضطرة لذلك في وجود سائق خاص يمكنه القيام بتلك المهمة بالإضافة إلى أفراد الأسرة من الرجال.
وبينما أكدت الشهلوب أن السعوديات حصلن على كامل حقوقهن، ويعملن في مختلف المجالات، اعتبرت الإعلامية نادين البدير أن ذلك لا يمثل الحقيقة، فالمرأة السعودية محرومة من أشياء كثيرة منها الوظائف القيادية في القطاع الخاص.
وقالت البدير لـ"العربية.نت"، تعليقا على هذا السجال، إن المرأة السعودية في بلدها تعامل كما يعامل القاصر وفاقد الأهلية، ولديها مجموعة من القضايا لم تتم مناقشتها ولا حسمها، ومن ضمنها عدم وضع الثقة في السعوديات والاعتراف بذمتهن المالية. كما أن قبول وجود سائق أجنبي يكبد المرأة والمجتمع، برأيها، خسائر فادحة، بدلا من أن تقود السعودية سيارتها بنفسها.
"نساء قاع المجتمع"
وقالت البدير: "كسعودية أرفض المزايدة، ومن يقول إن السعوديات حصلن على حقوقهن، ولسن بحاجة إلى المزيد، غير مطلع على واقعهن ويمثّل نفسه فقط، وهذه خيانة لقضايا النساء المنتميات إلى الطبقات الدنيا من المجتمع، اللاتي يكابدن قضايا الفقر والأحوال الشخصية وغيره، وهن مستحقات لدعم النخب السياسية والاقتصادية والإعلامية.
وأضافت: لا تملك المرأة في السعودية أي حق سياسي أو قانوني أو اجتماعي، وواقع المجتمع، بداية من قضايا انتحار النساء والعنف الأسري وانتهاء بقضايا الفصل بين الزوجين وتفريقهما بسبب عدم تكافؤ النسب، أكبر شاهد على أن المرأة تصادر حقوقها بما في ذلك تطليقها من زوجها وعدم السماح بقيادتها السيارة، واحترام خيارها كإنسان بالغ راشد.
ترتيب الأولويات
في المقابل، ترى الداعية السعودية لولوه الحمدان، وهي عضوة مجلس إدارة مؤسسة مكة الخيرية، أن المرأة السعودية حصلت على كثير من حقوقها الشرعية والاجتماعية و"علينا أن نناقش موضوع حقوقها بشفافية, وندون الآراء بمصداقية".
وقالت الحمدان لـ "العربية.نت": "إذا كان هناك قصور فلابد من ترتيب الأولويات، وبدلا من بحثنا عن حق المرأة السعودية بقيادة السيارة، نبحث حقها في التعليم الجامعي، فنحن نرى كثيرات من خريجات الثانوية العامة لم يتم قبولهن بالجامعات.
وأضافت: "لماذا لانبحث عن حق المطلقات والأرامل في المسكن المناسب والدخل الذي يحفظ ماء الوجه، وحق زوجة السجين وأبنائها، وحق الميراث الذي يستولي عليه الأشقاء أو الزوج أو الأبناء. أليس هذا أهم وأحق من البحث عن حقها في قيادة السيارة وارتفاع معدلات الحوادث و الإزدحامات المرورية؟".
إجبارها على وكيل شرعي
من جهتها، تضم الناشطة الحقوقية ومديرة إدارة الأخبار المحلية في قناة "الاقتصادية" بارعة الزبيدي صوتها "إلى من يقول إن حقوق السعوديات بشكل عام مهضومة، فليس من المنطق أن يذهب شاب يافع للتصريح لوالدته كوكيل شرعي عنها، أو تلزم بإحضار وكيل ينوب عنها لمجرد أنها أنثى وهو ذكر.
وتستطرد: المرأة في المجتمع السعودي كائن غير مرئي وليست على خارطة الأولويات الاجتماعية، ولا الخارطة الحقوقية، مضيفة: "أحيانا يكون هناك تحرك من الدولة لتصحيح بعض الأوضاع، فتسن القوانين، لكن تطبيقها يتعثر، ولايتم تطبيقها لمجرد ارتباطها بالمرأة".
وحذرت الزبيدي من أن "ما يحدث للمرأة يشعرها بالنقص وهي مربية الأجيال، ومع استمرار هذا الوضع علينا تصور الأجيال التي يرعاها إنسان ممزق ومقصى عن المشاركة في الحياة ومثقل بالهموم والجهل القانوني".
واعتبرت الزبيدي أن ملف النقل العام، والاعتراف بمواطنة المرأة، له الأولوية على مسألة قيادتها السيارة، مع إشارتها إلى أن "حق التنقل مكفول لكل إنسان"، و"إيمانها بحق المرأة في عدم تركها ضحية للسائق الأجنبي وإلزامها نتيجة حاجتها بفرضه عليها".
وأضافت: "مع الأخذ بعين الاعتبار الخسائر والكلفة المادية والنفسية من وجود السائق، على مستوى التحويلات المالية على صعيد اقتصادي، إلى جانب تحمل المرأة تداعيات تحكم السائق في مصيرها ومصالحها اليومية، إذ يزخر المجتمع بقصص عائلات اضطرت لأن تكون تحت رحمة السائق وسيطرته نتيجة الحاجة إليه.
حقوق مهدورة
وتعلق الأديبة والمسؤولة عن "ملتقى الشرقية الثقافي" سارة الخثلان، إن"الإرادة المجتمعية في السعودية ضد الإرادة السياسية في بعض القضايا، مشيرة إلى أنه تم اتخاذ قرارات لصالح حقوق المرأةـ لكنها لم تفعّل، بينما تنتظر أخرى إقرارها. ولفتت إلى مسألة "الوكيل الشرعي"، الذي يستولي على مدخرات المرأة، ويعرض استثماراتها للخطر.
وتضيف: في كثير من الحالات تهدر المرأة حقوقها، مثل نفقة المطلقة، وضبابية حق حضانة الأبناء المنتزعين من أمهاتهم عنوة، والبعض منهم في سن الرضاع. إلى جانب ملف الأحوال الشخصية، الذي يمكن أن يلحق ظلما بحق المرأة باسم الدين، مع براءته من ذلك.