المرايا العاكسة لإصلاح أخطاء الفراعنة

قدمت التكنولوجيا الحديثة حلا لمشكلة لم ينتبه اليها المصريون القدماء، عندما شيدوا تمثال ابو الهول، ثاني اشهر اثر على وجه الارض، بعد الهرم الاكبر، وهي مشكلة اختلال الاتزان الحراري، في بحث قدم لمؤتمر اثري.
وتتلخص المشكلة في ان اشعة الشمس تسقط على جسم ابو الهول، بشكل مباشر، من ثلاث جهات فقط، هي الشرقية والغربية والجنوبية فيما بقي جسم التمثال من الجهة الشمالية في الظل لمدة 4600 سنة.
ويقول عالم الترميم المصري الدكتور عبدالفتاح البنا ان المياه الجوفية التي تتسرب الى جسم التمثال تهرب من المناطق التي تسخنها الشمس فيه الى المناطق الباردة، حيث تتركز المحاليل الملحية وتفعل فعلها في اضعاف جسم التمثال وتفتيته واسقاط اي طبقة خارجية توضع لحمايته من التدهور.

عوازل ومرايا
ويتلخص الاسلوب العلاجي للدكتور البنا، الذي قدم هذا التشخيص، في وضع عوازل تحت التمثال لحمايته من المياه الجوفية، وتصنع العوازم من البولي استر المقوى بألياف الكربون مع الاستفادة في ترقيمها بتقنية تعرف باسم النمذجة الرقمية.
اضافة الى ذلك فسوف يستخدم العلاج نظاما من المرايا العاكسة لتنظيم توزيع اشعة الشمس على الجوانب الاربعة لصخرة التمثال، بالتساوي لحمايتها من الضغوط التبللرية والاسموزية التي تنشأ عن تفعيل خاصية امتصاص السوائل (الخاصية الشعرية) في ثلاث جوانب فقط من الجسد الذي يتجه رأسه جهة الشرق نزولا عند فروض عبادة الشمس. وقد تركزت اضواء الاعلام الدولي على ابو الهول عندما سقط حجر من كتفه عام 1988، وخفت مصر إلى الاستعانة بالخبراء الاجانب الذين احاطوا جسد التمثال بسقالات المرممين عشر سنوات كاملة كلفت الخزانة الحكومية مبالغ طائلة.
وقد اطلق العرب اسم ابو الهول على هذا التمثال الغامض الذي لم يكن ظاهرا منه قبل خمسمائة عام الا رأسه في حين كان جسمه كله مغطى بالرمال. ويسميه العالم «سفنكس»، وهو اسم مشتق من الاسم الاغريقي ــ اللاتيني للعنقاء، طائر الفينيق الذي لا يغنى.
لعنة المعرفة
وفي الاسطورة اليونانية اوديبوس ان ابو الهول وقف على ابواب المدينة يطرح الغازاً على من يريد دخولها. وكلما عجز المسؤول عن الجواب قتله ابو الهول. فلما جاء اوديب ربيب الرعيان ليدخل المدينة نجح في الاجابة عن اسئلة «ابو الهول»، فألقى الاخير بنفسه في هاوية ومات.
فماذا كان مصير اوديب الذي اصر على ان يمتلك المعرفة، متجاهلا نصيحة الكاهن الاعمى الذي يرى ما لايراه المبصرون؟.. وقع في العار الابدي: قتل اباه وتزوج امه التي شنقت نفسها بعد ان عرفت ان زوجها هو ابنها. وفقأ عينيه بيديه وعاش شريداً معذبا.. فهذا عقاب من يعرف، في الكتاب المقدس وفي الاساطير اليونانية وعند المتنبي وربما في واقع الحياة: يشقى العالم بعلمه وينعم الجاهل بجهله.
هذا هو ابو الهول اليوناني؟ فماذا يعني ابو الهول المصري؟ ولماذا ينشدّ اليه الناس؟ لا احد يدري؟ اي هول حذر منه العربي الذي اطلق عليه هذا الاسم؟ لا احد يدري.
مات ابو الهول اليوناني بعد ان وجد من يحل الغازه، وعاش ابو الهول المصري بغموضه فهل يقتله التناحر بين الخبرتين المصرية والاجنبية بعد ان عاش ستة واربعين قرنا