صلة الأرحام
من أجلِّ القُربات عند الله , وأفضل الطاعات " صلة الرحم "
ومن فضل الله وكرمه أن جعل صلة الرحم بركةً في الوقت
وزيادةً في رزقِ العبد .
يقول عليه الصلاة والسلام [ مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَبْسُطَ لَهُ فِي رِزْقِه
وَ يَنْسَأ لهُ فِي أَثَرِه فَلْيَصِلْ رَحِمَه ] مُتّفَقٌ عَلَيْه
و واجبٌ على كلِّ مسلمٍ أن يكون واصلاً موصولاً لرحمه
ومن الأفضلِ أن يحدد يوماً معلوماً في الأسبوع لزيارةِ أقاربه ويتبادل
معهم أطراف الحديث فإنَّ في ذلك سلامةٌ للقلب ولايستكثر وقتاً
يقضيه معهم فهم أولى الناس بالرعاية وأحقّهم بالعناية و أجدرهم
بالإكرام والحماية ؛ يقول جلّ وعلا :
[ وَأُولُو الأَرْحَامِ بَعْضُهُم أوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ الله ]
سُورَة الأنْفَال : 75
كيفيةُ صِلةُ الأرحام ؟!
الرحم تُوصل بمعاهدتهم بالزّيارة , بإكرام كريمهم
وعيادة سقيمهم والتيسير على معسرهم , وتفقُّدِ أحوالهم
وفي الوسائلِ الحديثة عونٌ على الطاعةِ بأداءِ هذه العبادة , ففي
الهاتفِ امتدادُ جسر العطفِ والمحبّة وفي المراسلةِ بقاءُ الود
وفي تبليغ السلام تجديدٌ العهد وكلَّ وسيلةٍ مباحة لتقويةِ أواصر
ذوي القربى اغتنمها في أداءِ تلك العبادة .
كيف تُقابل إساءة الأقارب :
الأقاربُ ليسوا سواءً في الصلةِ والمودةِ والرحمة , وصلةُ الأرحامِ عبادةٌ
عظيمة لاتُفعل لفعل الناسِ لها ولاتترك لترك الأرحامِ لها بل المسلمُ واصل
لرحمه ولو قطعوه أداءً للعبادة يصلهم لا مكافأه وإنِّما تعبُّدٌ لله جلا وعلا يقول
عليه الصلاةُ والسلام : [ لَيْسَ الْوَاصِلُ بِالْمُكَافَئ , وَلَكِنَّ الْوَاصِل مَنْ
إِذَا قَطَعت رَحِمُه وَصَلَهَا ] رَوَاهُ الْبُخَارِي
وأقاربُ النبي صلى الله عليه وسلم آذوه أذيةً بالغه ومع ذلك كان يصلهم
ويقول : [ غَيْرَ أَنَّ لَكَمْ رَحِمَاً سَأَبِلها بِبَلالِها ] رَوَاهُ مُسْلِم
وإذا أساء إليك القريب فأحسن إليه وهذا هو الدواء الشرعي فالمسيء
تُقابل إساءته بالحسنة وفي هذا الصنيع علوٌ ورفعة عند الله وعزةٌ عند خلقه
بإلجام النفسِ عن قبائِحها يقول عز وجل : [ ادْفَعْ بالْتِي هِيَ أَحْسَنْ ] الْمُؤْمِنون :96
ولايوفّق إلى هذه الخلّة إلا من أرخص نفسه في جنب الله ,وثمّةُ خير آخر
من الإحسانِ إليهم مقابل إساءتهم ألا وهو كظم الغيظ وذلك من صفاتِ
أهل الجنّة قال تعالى : [ وَسَارِعوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُم وَجَنَّةٍ عَرْضُها
الْسّمَواتُ والأَرْض أُعدّتْ للْمُتّقِين * الذِين يُنْفِقُونَ فِي الْسّراءِ والْضَرّاء
والْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ والْعافِينَ عَنِ النَّاس واللّه يُحِبُّ الْمُحْسِنِين ]
سُورة آل عِمْران : 133 , 134...