نعم الله عز وجل علينا كثيرة جدا لا تعد ولا تحصى، فمن نعمة الاسلام والايمان والتصديق والهداية والسداد الى نعمة التمكن من التوبة والاستغفار الى نعمة الامن والامان والرخاء والاستقرار ونعمة الرزق الطيب والمأكل والمشرب الحلال والملبس والمركب المناسب ونعمة الزوجة والاولاد والاحفاد والذرية... الخ.
قال الله تعالى في سورة ابراهيم:»... وآتاكم من كل ما سألتموه وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها..«.
ومع وجود كل هذه النعم العظيمة وغيرها، هناك من لا يشكر ولا يحمد الله على نعمه وفضله وعطائه سبحانه فلا ترى عليه اثر ما انعم الله عليه، بل يتعمد الخروج بين الناس بمظهر رث وهيئة غير طيبة ويتصنع الحاجة والفقر، ونبينا صلى الله عليه وسلم يقول: »ان الله يحب ان يرى أثر نعمته على عبده«.
ولا تخرج من فمه كلمات الحمد والشكر والقناعة وهو دائم السخط والتذمر وكثيرا ما يشتكي ويقول: »ما عندي شيء، انا محتاج، انا ضعيف...«
سبحان الله كيف تقول ما عندك شيء؟! كيف تجرؤ ان تخرج هذه العبارة من فمك الا تستحي؟! ولديك والحمد لله بيت يسترك وزوجة تحبك واولاد يبرونك ووظيفة وسيارة وصحة وعافية تستطيع ان تتكلم وتسمع وتبصر وتتلذذ بالطعام والشراب، تخرج وترجع وتتجول بكل سهولة وأمن وبدون خوف.. كل هذه العطايا والنعم وتقول »ما عندي شيء، أنا محتاج..« استمع يا هذا الى هذه الآيات الكريمة:
»والله اخرجكم من بطون امهاتكم لا تعلمون شيئا وجعل لكم السمع والابصار والافئدة لعلكم تشكرون«
»وما بكم من نعمة فمن الله«
»واذ تأذن ربكم لئن شكرتم لازيدنكم ولئن كفرتم ان عذابي لشديد«.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: »ان الله ليرضى عن العبد ان يأكل الاكلة فيحمده عليها، ان يشرب الشربة فيحمده عليها«.
وقالت عائشة رضي الله عنها: »ما من عبد يشرب الماء القراح - اي الصافي - فيدخل بغير أذى ويخرج بغير اذى الا وجب عليه الشكر«.
قال يونس بن عبيد - رحمه الله - لرجل يشكو ضيق حاله ليرشده ويبصره بنعم الله عليه: »أيسرك ببصرك هذا مائة ألف درهم؟ قال الرجل لا. قال: فبيديك مائة الف؟ قال: لا. قال: فبرجليك مائة ألف؟ قال: لا. فذكره بنعم الله عليه. فقال يونس: ارى عندك مئين الألوف وانت تشكو الحاجة؟! هذا نوع من الناس وهم كثر واما الصنف والنوع الآخر، فلنستمع الى هذا الحوار وما فيه من اعتبار: مرّ رجل على رجل مبتلى اعمى مجذوم مقعد به برص، وهو يقول: الحمد لله على نعمه، الحمد لله على نعمه.. قال له الرجل: اي شيء بقي عليك من النعمة تحمد الله عليها: فقال: ارم ببصرك الى اهل المدينة، فانظر الى كثرة اهلها وما يعملون وكانوا يرتكبون المعاصي ولا يعبدون الله.
فقال افلا احمد الله انه ليس فيها احد يعرفه غيري.
وعن سلمان الفارسي رضي الله عنه: »ان رجلا بسط له من الدنيا فانتزع ما في يديه حتى لم يكن له الا حصير بالية، فجعل يحمد الله تعالى ويثني عليه، فقال له رجل آخر قد بسط له من الدنيا: ارأيتك انت علام تحمد الله؟ فقال الرجل: احمد على ما لو اعطيت به ما اعطى الخلق لم اعطهم اياه.
قال: وما ذاك؟ قال: ارايتك بصرك؟ ارايتك لسانك؟ ارايتك يديك؟ ارايتك رجليك؟
وختاما، كان النبي صلى الله عليه وسلم اذا اصبح واذا امسى يقول: »اللهم ما اصبح بي من نعمة او بأحد من خلقك فمنك وحدك لا شريك لك، فلك الحمد ولك الشكر، فقال صلى الله عليه وسلم: من قالها حين يصبح فقد ادى شكر يومه، ومن قالها حين يمسي فقد ادى شكر ليلته«.