على عكس المتوقع أطلقت الحاجة العراقية نورة الشمري زغرودة مدوية لفتت لها جميع الأنظار حينما رأت ابنها ناصر الذي هاجر إلى استراليا بعد فراق دام خمسة أعوام، وبينما انكب على تقبيل يدها في مشعر منى بعد رحلة غياب مريرة انهمرت الدموع من عينيها في مشهد يحكي واحدة من أبرز الصور إنسانية، حيث التقت الأم بابنها في أطهر الأراضي وفي مكان لا يوجد له مثيل على وجه الأرض، مرافقو الحاجة نورة الشمري قالوا انها منذ إن وطأت قدماها المشاعر المقدسة وهي تتمنى رؤية ابنها الذي وعدها بأنه سيلتقيها في موسم الحج وأضافوا أن الأوضاع الأمنية التي يعيشها العراق منعته من القدوم حيث يكتفي الابن بسماع صوت أمه هاتفياً في الوقت الذي تتقطع أفئدتها لرؤيته وحضنه لا سيما أنه الابن الأصغر بين ثلاثة أكبرهم توفي فيما يعاني الثاني من إعاقة جسدية وقالت وهي تمسح الدموع التي بللت خديها أحمد الله أن التقيت به هنا في مكة المكرمة وفي موسم الحج كنت مشتاقة لرؤيته وحقق لي الله سبحانه وتعالى هذا الحلم، وأضافت عندما هاتفني في بغداد وقال لي انه سيأتي لأداء فريضة الحج لم أصدق كنت أحسب الساعات والدقائق للقاء ربي في موسم الحج ولقاء ابني أيضاً وقد أكرمني الله برؤيته على صعيد منى بعد أن كنت أتمنى احتضانه على صعيد جبل الرحمة حيث حددنا المكان والزمان لكن الظروف لم تسمح بذلك.
مخيمات الحجاج العراقيين تشهد صوراً متعددة للقاء آباء بأبنائهم وأصدقاء بمحبين لهم في صور إنسانية تعكس ما يحمله الحج من ألفة ومحبة ونبذ لكل أشكال القطيعة، ويحرص الحجاج العراقيون دائماً على التقاط صور تذكارية مع من يحبون حيث يتعبرونها أغلى وثيقة تاريخية يمكن الاحتفاظ بها، يقول عبدالعزيز المرودي ان الحج تظاهرة تسامح ومحبة ودروس وعبر يلتئم فيه الشمل وتطيب من خلاله النفوس ويلتقي على أرضه الغرباء من كل بقاع الدنيا لا شيء يعدل الحج مطلقاً فهو جامعة في الخلق والارتقاء بالنفس البشرية بعيداً عن العدوانية والكراهية والبغضاء