السلام على اهل السلام
أيها المسلم القانت لله ،
كم قد أتاح لك الإسلام من فرص تزدلف فيها إلى ربك ،
وكم قد أعانك على نفسك بأعمال البر والخير يشرعها لك لتنال عليها أجر القانتين وثواب البررة الصالحين ،
تعمل العمل القليل فيعطيك الله عليه الأجر الكثير ،
ولم يقف الإسلام في فرض الفرائض بل أردفها بنوافل العبادة ؛ لتجبر نقص الفرائض ولتلتئم بها الفتوق في الواجبات ،
وإلى جانب كل فريضة نوافل مشروعة يقوم بها العبد ابتغاء رضوان الله ، وطلبا للأجر من الله . فالصلوات المكتوبة مثلا ، شرع إلى جانب كل صلاة نوافل ، حدد الشرع عدد ركعاتها ، وحث عليها ورغب فيها لدرجة أنها إذا فاتت المسلم شرع له قضاءها ، وهي ما سميت بالسنن الراتبة . صح عن أم حبيبة زوج النبي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : من صلى في يوم وليلة اثنتي عشرة ركعة بني له بيت في الجنة ،
أربعا قبل الظهر وركعتين بعدها ، وركعتين بعد المغرب وركعتين بعد العشاء ، وركعتين قبل صلاة الفجر وهما آكد السنن بدليل أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر بقضائها ، كما في حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : من لم يصل ركعتي الفجر حتى تطلع الشمس فليصلهما . رواه البيهقي . وعن عائشة - رضي الله عنها - قالت : لم يكن رسول - صلى الله عليه وسلم - على شيء من النوافل أشد معاهدة - أي مواظبة - من الركعتين قبل الصبح . رواه البخاري ومسلم . أما نافلة الجمعة فقد صح عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : من كان منكم مصليا بعد الجمعة فليصل أربعا . رواه مسلم . وصح أنه - صلى الله عليه وسلم - صلى بعد الجمعة ركعتين في بيته ، وللجمع بين الحديثين قال العلماء : إن صلى في المسجد صلى أربعا ، وإن صلى في بيته صلى ركعتين . وهناك نوافل غير مؤكدة كصلاة ركعتين أو أربع كعات قبل العصر ، لورود أحاديث بها ، وصلاة ركعتين قبل المغرب لقوله - صلى الله عليه وسلم - : " صلوا قبل المغرب ، صلوا قبل المغرب ، صلوا قبل المغرب " ثم قال في الثالثة : " لمن شاء كراهية أن يتخذها الناس سنة ، وكصلاة ركعتين قبل العشاء لقوله - صلى الله عليه وسلم - : بين كل أذانين صلاة - أي نافلة - في كل النوافل أجر مضمون إن شاء الله والأجر على قدر المشقة . وأفضل صلاة النافلة ما كان في البيت لما روي عنه - صلى الله عليه وسلم - : صلاة الرجل في بيته تطوعا نور ، فمن شاء نور بيته . وقال أيضا : اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم ولا تتخذوها قبورا - أي كالقبور لا يصلى فيها .
صلاة الوتر :
من النوافل التي حث عليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ( الوتر ) فقد صح عن الإمام علي - رضي الله عنه - أنه قال : ( إن الوتر ليس بحتم - أي ليس بلازم - ولكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أوتر ثم قال : يا أهل القرآن أوتروا ، فإن الله وتر يحب الوتر . ووقت الوتر بعد صلاة العشاء ، ويمتد إلى الفجر ، لما روي من حديث أبي بصرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : إن الله زادكم صلاة ، - وهي الوتر - فصلوها فيما بين صلاة العشاء إلى صلاة الفجر . ويستحب تعجيل صلاة الوتر أول الليل لمن خشي أن يغلبه النوم ويستغرق فيه ، ولا يستيقظ آخر الليل ، وعلى العكس من وثق من نفسه القيام آخر الليل فيستحب له تأخيره ، لحديث جابر - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : من ظن منكم أنه يستيقظ آخره فليوتر آخره فإن صلاة آخر الليل محضورة - أي تحضرها الملائكة - وهي أفضل - رواه مسلم والترمذي .
عدد ركعات الوتر وصفته :
روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - الوتر بثلاث عشرة ركعة وإحدى عشرة ركعة ، وتسع ، وسبع ، وخمس ، وثلاث ، وواحدة . وأقله ثلاث ركعات بسلامين ويجوز أداء الوتر ركعتين ، ركعتين ، يسلم المصلي على رأس كل ركعتين ثم يصلي ركعة . ويتشهد ويسلم ، ويجوز غير ذلك مما صح به النقل عن النبي - صلى الله عليه وسلم - . ولا يجوز التعصب لأداء الوتر على طريقة معينة والتزامها دون غيرها من الطرق الواردة تعصبا لمذهب من المذاهب ، فكل المذاهب ملتمسة السداد والصواب من هدي الرسول - صلى الله عليه وسلم - ، وسنته هي المورد العذب ، فما صح منها يجب أن يؤخذ به دون تردد أو تعصب ، والاختلاف في الدين رأس الخطايا . وقد ذم الله عليه بعض الأمم السابقة تحذيرا من صنيعهم فقال تعالى : فَمَا اخْتَلَفُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ
صلاة التراويح :
من السنن المشروعة في رمضان صلاة التراويح يقوم المسلمون بأدائها جماعة في المساجد والدور أو منفردين ، يحيون بها جزءا من أول الليل من بعد صلاة العشاء ، ويستمر وقتها إلى آخر الليل لأنها في الواقع من قيام الليل ، وقيام الليل لا يقتصر على جزء معين منه . أما عدد ركعاتها فصح عن أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ( ما كان يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة ) . ونقل أن الناس كانوا يصلون على عهد الخليفة الراشد عمر بن الخطاب وعثمان وعلي - رضي الله عنهم - عشرين ركعة .
صلاة المريض :
دين الإسلام هو دين السماحة واليسر كما قال تعالى : وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ وقال - صلى الله عليه وسلم - : بعثت بالحنيفية السمحة . ومن يسر الإسلام وسماحته ورفعه الحرج عن الأمة أن رخص للمريض في الصلاة كيف ما تيسر له ، وعلى قدر استطاعته ، فله أن يصلي قاعدا إذا عجز عن القيام ، وله أن يصلي على جنبه يومئ بالركوع والسجود ويجعل سجوده أخفض من ركوعه . روي عن الصحابي الجليل عمران بن حصين - رضي الله عنه - قال : كانت بي بواسير ، فسألت النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الصلاة فقال : " صل قائما ، فإن لم تستطع فقاعدا ، فإن لم تستطع فعلى جنب . وفي رواية للنسائي : فإن لم تستطيع فمستلقيا - قال تعالى : لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا . وإذا جاز هذا في الفرض فجوازه في النفل مطرد . وفي حديث علي - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : فإن لم تستطع فعلى جنب وفي رواية النسائي : فإن لم يستطع صلى قاعدا فإن لم يستطع أن يسجد أومأ برأسه ، وجعل سجوده أخفض من ركوعه ، فإن لم يستطع أن يصلي على جنبه الأيمن صلى مستلقيا رجلاه مما يلي القبلة رواه الدارقطني .
صلاة العيدين وصفتهما :
سبق أن عرضنا في إحدى الحلقات لعناية الإسلام بأمر الجماعة ودعمها ، وتهيئة الفرص للمسلمين لاجتماعات يومية وأسبوعية ، لإشاعة التضامن وبذل التعاون ، وأخذ فكرة بالوقوف أمام الله صفا واحدا لوحدة الصف واجتماع الكلمة وإلى جانب الاجتماعات اليومية والأسبوعية اجتماع سنوي هيأه الإسلام لمحتضنيه لإظهار الفرحة والبهجة ، وشكر النعمة على التوفيق للطاعة والتمكين من العبادة - أحدهما عقب الفراغ من صيام شهر رمضان المبارك ، وهو اجتماع عيد الفطر ، وفي الصحراء يخرج إليه المسلمون رجالا ونساء ، شيوخا وأطفالا ، حتى الحيض شرع أن يحضرن هذا الاجتماع كما جاء في حديث أم عطية قالت : أمرنا أن نخرج العواتق والحيض إلى المصلى يشهدن الخير ودعوة المسلمين ، ويعتزل الحيض المصلى . رواه البخاري ومسلم . قال تعالى : وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ والاجتماع الثاني : اجتماع عيد الأضحى بالطريقة نفسها التي يتم بها الاجتماع لعيد الفطر إلا أن الحاج قد يشتغل عنه بأعمال النسك .
وقت صلاة العيد :
وقت صلاة العيد من حين ترتفع الشمس قيد رمح أي بقدر ستة أذرع .
صفتها وعدد ركعاتها :
وصلاة العيد ركعتان كصلاة الجمعة إلا أنه يسن فيها أن يكبر المصلي قبل قراءة الفاتحة في الركعة الأولى سبع تكبيرات وفي الثانية بعد القيام من السجود خمس تكبيرات ، يرفع يديه مع كل تكبيرة ، وليس لصلاة العيدين سنة لا قبلها ولا بعدها لحديث أبي داود قال : قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : ليس لصلاة العيدين سنة لا قبلها ولا بعدها . ولما روى البخاري عن ابن عباس - رضي الله عنهما - : خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم فطر فصلى ركعتين لم يصل قبلها ولا بعدها ومعه بلال . وسن أن يخطب الإمام للعيد خطبتين كالجمعة ، إلا بعد الصلاة لحديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - : كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يخرج يوم الفطر والأضحى إلى المصلى وأول شيء يبدأ به الصلاة ثم ينصرف فيقوم مقابل الناس والناس جلوس على صفوفهم يعظهم ويوصيهم ويأمرهم ، الحديث .
صلاة الجنازة :
لقد عني الإسلام بكرامة المسلم حيا وميتا - قال تعالى وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تفضيلا ولقد كان من تكريم المسلم ميتا أن شرع للمسلمين غسله وتكفينه وحمله والصلاة عليه ثم دفنه ، وبالدفن تنتهي الصلة بينه وبين عالم الأحياء ويقدم على ما قدم من عمل ، يقدم على رب كريم يعفو عن السيئة ويتجاوز عن الذنب العظيم . أما صفة صلاة الجنازة أو الصلاة على الميت فهي أن يقف المصلون صفوفا ثلاثة على الأفضل يتقدمهم الإمام ، فيكبرون على الميت أربع تكبيرات يقرءون بعد التكبيرة الأولى الفاتحة ، ويقرءون بعد التكبيرة الثانية الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - التي تقرأ في التشهد الأخير ، ويقرءون بعد التكبيرة الثالثة الدعاء للميت ومنه ( اللهم اغفر لحينا وميتنا ، وشاهدنا وغائبنا ، وصغيرنا وكبيرنا ، وذكرنا وأنثانا ، اللهم من أحييته منا فاحيه على الإسلام والسنة ، ومن توفيته منا فتوفه عليهما ، اللهم اغفر له وارحمه وعافه واعف عنه ، وأكرم نزله ، ووسع مدخله ، واغسله بالماء والثلج والبرد ونقه من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس ، وأبدله دارا خيرا من داره ، وأهلا خيرا من أهله وزوجا خيرا من زوجه ، وأدخله الجنة ، وأعذه من عذاب القبر وعذاب النار ) . ثم يكبرون التكبيرة الرابعة ويسلمون . والصلاة على الميت شفاعة من الأحياء في الميت ، جاء في الحديث أن الميت إذا صلى عليه أربعون من المسلمين شفعهم الله فيه . وإذا كان الميت صغيرا قال المصلي في دعائه بعد قوله : ( ومن توفيته منا فتوفه عليهما ، اللهم اجعله ذخرا لوالديه ، وفرطا وأجرا ، وشفيعا مجابا ، اللهم ثقل به موازينهما ، وأعظم به أجورهما ، وألحقه بصالح سلف المؤمنين ، واجعله في كفالة إبراهيم وقه برحمتك عذاب الجحيم ) ثم يسلم المصلي عن يمينه تسليمة واحدة .
جزانا الله واياكم كل خير
و تقبل منا ومنك صالح الاعمال ان شاء الله
امـــــــــــــــــين